كثيرًا ما يُخلط بين التعثر المالي والمتأخرات البسيطة، رغم أن الفرق بين التعثر المالي والمتأخرات البسيطة جوهري ويؤثر بشكل مباشر على تقييمك الائتماني في سمة. هل أنت ممن يتأخرون في سداد دفعة القرض لبضعة أيام وتخشى أن يُصنف ذلك كـ “حالة تعثر”؟
يَعِدُك هذا المقال بوضع حد لهذا الالتباس، حيث سنوضح الفروقات الدقيقة بين الحالتين، وكيفية التعامل مع كل منهما لتجنب تدهور السجل الائتماني وتأثيره على فرصك المستقبلية في الحصول على التمويل.
1. ما هو التعثر المالي؟

التعثر المالي (Financial Default) يمثل قمة الهرم السلبي في السلوك الائتماني. إنه ليس مجرد تأخير ليوم أو يومين، بل هو حالة عدم سداد الالتزامات المالية لفترة طويلة تتجاوز الحد المسموح به والمتفق عليه في عقد التمويل، وغالبًا ما تتراوح بين 30 إلى 90 يومًا متتالية دون سداد. يُسجل التعثر في التقرير الائتماني كحالة سلبية خطيرة تؤثر على تقييمك لسنوات طويلة، تصل إلى خمس سنوات في بعض الأحيان بعد التسوية. غالبًا ما تتطلب هذه الحالة تسوية رسمية أو إعادة جدولة مع الجهة الممولة، وتؤدي إلى انخفاض حاد في نقاط تقييم سمة، مما يغلق أمامك فعليًا أبواب التمويل الجديد.
2. ما هي المتأخرات البسيطة؟

على النقيض من التعثر، تشير المتأخرات البسيطة إلى تأخر مؤقت في السداد، غالبًا ليوم أو بضعة أيام بعد تاريخ الاستحقاق المحدد، ولا يتجاوز عادةً فترة السماح القصوى التي تمنحها الجهة الممولة (عادةً أقل من 30 يومًا). لا تُعتبر هذه المتأخرات تعثرًا ماليًا بالمعنى القانوني، لكنها تُسجل في ملفك الائتماني إذا تكررت، وتظهر كنمط سلوكي غير منتظم. الخبر الجيد هو أن هذه الحالة يمكن تصحيحها بسرعة بمجرد السداد الفوري للمبلغ المستحق. ومع ذلك، فإن تكرار تأخر السداد يُشير إلى ضعف في إدارة التدفقات النقدية، وهو ما تراقبه الجهات الممولة عن كثب.
3. التأثير على التقييم الائتماني

لفهم مدى خطورة كل حالة، يجب النظر إلى طبيعة تأثيرها على تقييم سمة (Credit Score).
| الحالة الائتمانية | التأثير على التقييم الائتماني | المدة التقريبية لتأثير السجل |
| التعثر المالي (Default) | انخفاض حاد وطويل الأمد (منطقة الخطر). | سنوات (حتى 5 سنوات بعد التسوية). |
| المتأخرات البسيطة (Minor Arrears) | انخفاض متوسط أو مؤقت (قابل للاسترداد). | أشهر، ويتلاشى التأثير مع السداد المنتظم اللاحق. |
التعثر المالي يرسل إشارة واضحة للجهات الممولة بأن المقترض يمثل خطرًا ائتمانيًا كبيرًا، بينما المتأخرات البسيطة تُعتبر “تنبيهًا” أو “بقعة” يمكن مسحها مع مرور الوقت والسلوك الائتماني الإيجابي المستمر. لذا، كلتا الحالتين تُسجل في سمة وتؤثر على فرص التمويل، ولكن بمستويات مختلفة جدًا من الحدة.
4. كيف تُسجل الحالات في سمة؟

عندما تتلقى الجهات الممولة التقرير الائتماني الخاص بك من سمة، تظهر الفروقات في طريقة تسجيل الحالات:
- التعثر: يُصنف عادةً كـ “غير منتظم” أو “متعثر” ويظهر في القسم الخاص بحالة الحسابات. تُعرض تفاصيل هذا التعثر، بما في ذلك عدد أيام التأخير المفرط والمبالغ المتأخرة. هذه العلامة السلبية تظهر لجميع الجهات الممولة التي تطلب تقريرك.
- المتأخرات: تُسجل كتأخير في السداد (مثلاً 1-29 يوم تأخير) ضمن “سجل الدفعات” الشهرية. تظهر هذه العلامة نمطًا سلوكيًا: إذا تكرر التأخير لعدة أشهر، فإنه يُظهر نمطًا سلبيًا، حتى لو لم يصل إلى حد التعثر الرسمي.
من الضروري جدًا مراقبة تحديث الحالة الائتمانية بعد السداد، ففي حالة التعثر، يجب التأكد من أن الجهة الممولة قد أرسلت إلى سمة إشعارًا يفيد بأن الحساب قد تمت تسويته أو سداده بالكامل لتحسين تقييمك تدريجيًا.
5. كيف تتعامل مع كل حالة؟

يجب أن يكون التعامل مع كل حالة مختلفًا بشكل جذري لتقليل الضرر الائتماني، وتحديداً من خلال استراتيجيتين مختلفتين:
1.5 في حالة المتأخرات البسيطة:
- سدد فورًا: لا تؤجل الأمر، فكل ساعة تأخير تزيد من احتمالية التسجيل الرسمي.
- راقب تواريخ الاستحقاق: استخدم تذكيرات آلية أو ضع تقويمًا زمنيًا واضحًا لتجنب تكرار التأخير.
- فعل التنبيهات البنكية: اطلب من البنك تفعيل التنبيهات قبل موعد الاستحقاق بـ 3 أيام على الأقل.
2.5 في حالة التعثر المالي:
- تواصل مع الجهة الممولة: لا تتجنب الاتصال. اطلب تسوية الدين المتبقي، أو إعادة جدولة الالتزام بما يتناسب مع قدرتك المالية الحالية.
- اطلب التسوية الكتابية: تأكد من الحصول على اتفاقية التسوية خطيًا وتفاصيل خطة السداد الجديدة.
- راقب تحديث الحالة في سمة: بعد إتمام التسوية أو السداد الكامل، تابع تقريرك الائتماني للتأكد من أن الجهة الممولة قامت بتحديث حالتك الائتمانية.
6. هل يمكن أن تتحول المتأخرات إلى تعثر؟

نعم، إنها عملية تصعيد تدريجي. يمكن للمتأخرات أن تتحول إلى حالة تعثر إذا تجاوزت فترة السماح المحددة من الجهة الممولة، والتي قد تتراوح بين 30 إلى 90 يومًا حسب نوع الالتزام والعقد. كل يوم تأخير بعد تاريخ الاستحقاق يُقربك خطوة من حالة التعثر، خاصة إذا تم تجاوز الـ 30 يومًا المتتالية دون سداد. لذلك، المتابعة المستمرة لتواريخ السداد والاحتفاظ بـ “هوامش أمان” في حسابك ضرورية لتجنب هذا التصعيد السلبي.
يجب أن يُنظر إلى الفرق بين التعثر المالي والمتأخرات البسيطة على أنه لا يتعلق فقط بالمدة، بل بالتأثير القانوني والائتماني طويل الأمد. المتأخرات هي “إنذار مبكر” يمكن تصحيحه، بينما التعثر هو “ضربة قاضية” تتطلب سنوات للتعافي منها. فهمك لهذا الفرق يساعدك على اتخاذ قرارات مالية أكثر وعيًا، ويحميك من الدخول في دوامة تدهور السجل الائتماني. خطوتك التالية هي مراجعة تقاريرك الائتمانية بشكل دوري ومراقبة تواريخ الاستحقاق. للمزيد من المعلومات حول كيفية استعادة تقييمك، يمكنك الاطلاع على مقالنا المكمل حول “كيف أرفع التقييم الائتماني في سمة”.



